هل تعلم أن أدمغتنا مبرمجة للتفكير بشكل سلبي؟ لقد اتضح أن سلوكنا الافتراضي هو البقاء في أفكار سلبية/مقلقة، وتجاهل الأشياء الجيدة التي تحيط بنا والتركيز على السلبية.
على سبيل المثال، تخيل لحظة ناجحة في حياتك تلقيت فيها مجموعة من الإطراءات وفعلاً "وقعت على نفسك"، لكن انتقاداً واحداً غير متعاطف كان كافياً لتطيل التفكير فيه لأيام وأحياناً لسنوات!! وبدلاً من ذلك، قد يتم الرد على تلقي مجاملة أو مجاملة بفضل فستان اشتريته بـ "هل تعتقد ذلك؟ أنا سمين وهي تخرج معدتي"
لماذا يحدث هذا لنا؟
هناك تفسير منطقي لهذا الأمر متجذر في آلية تطورية قديمة تهدف إلى ضمان بقائنا، واليقظة والتكيف بسرعة في المواقف العصيبة. تتجلى هذه الآلية في استجابة "القتال أو التجميد أو الهروب" ويصاحبها نبض متسارع وحمى وبرد وتعرق وحتى إسهال.
تخيل أنك ترى من زاوية عينك شكلًا يشبه الفأر. غريزيًا وبفكر غير واعٍ، يتم تنشيط الاستجابة الفسيولوجية النموذجية للخوف والتي تهدف إلى تعبئة الجسم للتعامل مع حدث يُنظر إليه على أنه تهديد أو مخيف. وبالمثل، قد يؤدي الصوت الذي يذكرنا بالمنبه إلى قفزك أو تجميدك. وعلى الرغم من أن هذه الحالات ليست مهددة للحياة، إلا أن الانفصال عن التفكير العقلاني يؤدي إلى سلوك اندفاعي. بشكل عام، تكون ردود الفعل هذه نتيجة لتنشيط اللوزة الدماغية، وهي جزء من نظام المشاعر - الجهاز الحوفي - الذي يحدد كيفية تفسير ردود الفعل العاطفية: على أنها ممتعة أو تهديدية. اللوزة الدماغية، في حد ذاتها، لا تفرق بين التهديدات الظاهرة والمخاطر الحقيقية، وبالتالي، غالبًا ما تحدث إنذارات كاذبة.
متى يكون التوتر إيجابيا ولماذا من المهم أن نتعرض له؟
نمر جميعًا بلحظات من التوتر أو الضغط النفسي خلال حياتنا ومعظمنا يديرها بنجاح أو بآخر أثناء تعبئة الموارد العاطفية للتغلب عليها. يعبر التوتر (بالعبرية الإجهاد) عن الشعور بالتوتر العاطفي والجسدي الداخلي المصحوب بإفراز هرمونات التوتر والكورتيزول والأدرينالين. في هذه الحالة، يقوم الدماغ بمساعدة اللوزة الدماغية والحصين (الهيكل المسؤول عن إنشاء الذكريات واسترجاعها) بإنشاء ذاكرة لذلك الحدث المجهد والتأكد من الحفاظ عليها لسنوات. هذه الذكريات العاطفية محفورة بقوة والغرض منها هو تحذيرنا من خطر فوري أو مستقبلي والمساعدة في اتخاذ القرارات بناءً على المعرفة المسبقة. وهذا يعني أن التوتر والضغط النفسي بالجرعة المناسبة ضروريان لبقائنا على قيد الحياة.
ليس الضغط المعتدل مفيدًا لنا فحسب، بل إنه يعبر في الواقع عن مرونة الدماغ - المرونة العصبية - أو "مرونة الدماغ" مما يتيح التعلم العاطفي والحفاظ على هذا الحدث على المدى الطويل.
متى يكون التوتر سلبيا وكيف يؤثر على مرونة الدماغ؟
تبدأ المشكلة في حالة التوتر أو ضغط مستمر على سبيل المثال، الوضع الأمني في إسرائيل، مشاكل في مكان العمل، صعوبات في كسب العيش، فقدان أحد الأحباء، أزمة العلاقات وأكثر من ذلك. إذا كنا في الأيام الجيدة نتعامل على النحو الأمثل مع الأمور اليومية، ففي حالة التوتر العقلي المزمن، فغالبًا ما ننخرط في التفكير في المشكلات المذكورة أعلاه.
إن الحديث المستمر عن موضوع معين أو التفكير السلبي قد يخلق انفصالاً بين الجهاز العاطفي والجزء الأمامي من القشرة الدماغية المسؤول عن تهدئة ردود الفعل واعتدالها. في غياب ردود الفعل السلبية التي من شأنها تهدئة النظام، سيحدث طوفان من هرمونات التوتر وستبدأ الحلقة المفرغة. على المدى الطويل قد يحدث تلف في الوصلات بين الخلايا العصبية (المشابك العصبية) في الدماغ مما يؤدي إلى لضعف مرونة الدماغ والخلل الإدراك والذاكرة، ويتجلى في صعوبة تذكر الأسماء أو الأشياء، وكذلك تذكر الأحداث التي حدثت مؤخرًا (مثل ما تناولته على الإفطار بالأمس أو المكان الذي زرته قبل أسبوع).
ومن ناحية أخرى، فإن التوتر والتفكير السلبي سيقويان الروابط في الدماغ التي تدعم وتحافظ على دعم هذا السلوك السلبي. لقد دخلت هذه الأنماط غير الطبيعية يمكن أن تؤدي إلى القلق والاكتئاب. وبالمناسبة، فإن نفس الآلية تقف أيضًا وراء العادات غير الصحية مثل المسيئة والإدمان.
إعادة توصيل الدماغ للحد من التوتر والتفكير السلبي – كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟
إن مطالبة السكان الإسرائيليين بالاسترخاء وتقليل التوتر ليس بالتحدي السهل على الإطلاق. يعاني حاخاماتنا من وقت لآخر من ضغوط نفسية، منذ عصر كورونا، ناهيك عن الحدث الصادم الذي وقع في 7 أكتوبر.
فيما يلي قائمة بالنصائح البسيطة التي ستساعدك على ربط عقلك بالتفكير الإيجابي. ليس عليك أن تتبعهم جميعًا. الكلمة السحرية هي "الإصرار على ما تختاره أو ما يناسبك".
- تبني عادة إيجابية واحدة في الأسبوع أو العمل على خلق أفكار إيجابية والتي بدورها ستحل محل الروابط الموجودة بين الخلايا العصبية التي تدعم وتحافظ على دعم العادات التي تمنعنا من التخلي عن منطقة الدماغ.
- مارس التنفس أو التأمل أو اليقظة الذهنية أو اليوجا. الفكرة هي أن الممارسة المستمرة ستؤدي إلى نمو نقاط اشتباك عصبي جديدة، واتصالات جديدة من شأنها أن تثني الدماغ إلى درجة التخلي عن النمط السابق. إن الحفاظ على تلك الروابط العصبية المتشابكة التي أنشأتها بنفسك والحفاظ عليها هو المفتاح لتغيير العادة المسيئة.
- ممارسة الرياضة أو المشي أو أي شيء يُمرّن الجسم. مجرد الزيادة في معدل ضربات القلب ستؤدي إلى تحسن في تدفق الدم إلى العضلات والدماغ، مما يحسن إمدادات الأوكسجين والمواد المغذية مثل البروتينات والمعادن والفيتامينات اللازمة لبناء نقاط الاشتباك العصبي الجديدة التي تدعم النمط الإيجابي. كما أن النشاط البدني يزيد من مستوى الناقلات العصبية في الدماغ مثل السيروتونين والدوبامين والنورإبينفرين والإندورفين المرتبطة بتحسين المزاج والانتباه.
- تقليل أوقات مشاهدة الشاشة في الوسائط العامة. بدلًا من ذلك، يمكنك مقابلة الأصدقاء والمشاركة في الأنشطة المجتمعية أو قراءة كتاب أو المشاركة في فصل نشط لتدريب الدماغ في المجتمع. التركيز هنا على الترابط الاجتماعي. تكشف الدراسات قد تقلل السباحة الاجتماعية بنسبة 30% من خطر الإصابة بالاكتئاب والتدهور المعرفي وحتى الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب.
- اهتم بالجودة والنوم الكافي. النوم حاجة بيولوجية أساسية. من المهم التأكد من عدد ساعات النوم الكافية، خاصة في منتصف العمر. ترتبط قلة النوم بزيادة خطر الإجهاد العقلي ومشاكل الجهاز الهضمي وتلف بكتيريا الأمعاء والسمنة والخرف وغير ذلك الكثير.
- لا تتردد في طلب المساعدة المهنية، وإذا لزم الأمر، كن تحت إشراف طبي. تتطلب التغييرات في توصيلات الدماغ اتباع نهج شمولي، وليس من الخطأ الجمع بين العلاج التقليدي والبديل.
وهذا يتطلب قدرًا كبيرًا من الجهد نظرًا لأن الروابط الموجودة - المشابك العصبية - بين الخلايا العصبية ثابتة وقوية. ولكن في وقت لاحق، فإن الاعتدال/التخلي عن هذا السلوك أو الفكر السلبي سيؤدي إلى تحسن في الشعور القمعي.
الرسالة المهمة
وسأختتم كلامي بالمقولة الشهيرة لـ "رامون إي كاخال" الحائز على جائزة نوبل للطب في إسبانيا عام 1906: "يمكن لأي إنسان، إذا أراد ذلك، أن يكون تمثالاً لعقله." وهذا يعني أنك وحدك من يحدد كيف سيبدو دماغك، من الناحية الهيكلية والوظيفية، وكيف سيفسر الأحداث التي تمر بها، وما إذا كنت ستلونها باللون الأسود أو بدلاً من ذلك، بظلال فاتحة.
إذا كنت مهتمًا بورش العمل، أرسل لي بريدًا إلكترونيًا، شكرًا لك
مرحبا ايلانيت
لا تتردد في الاتصال بنا عن طريق البريد الإلكتروني:
[البريد الإلكتروني محمي]
مقالة عظيمة ومهمة جداً. شكرًا! 🙏